منوعات

صعوبات التعلم لدى الكبار وطرق التغلب عليها

كل ما تريد معرفته عن صعوبات التعلم لدى الكبار

صعوبات التعلم لدى الكبار موضوع يستحق الاهتمام لما له من تأثير مباشر على جوانب متعددة من حياة الفرد، مثل التحصيل العلمي، الأداء الوظيفي، والعلاقات الاجتماعية، وبالرغم من أن معظم الأبحاث والمناقشات حول صعوبات التعلم تركز على الأطفال، إلا أن البالغين أيضًا يمكن أن يعانوا من هذه الصعوبات، وقد لا يكونوا قد تلقوا التشخيص أو الدعم المناسب في طفولتهم.

عناصر المقال

صعوبات التعلم لدى الكبار وطرق التغلب عليها
صعوبات التعلم لدى الكبار

ما المقصود بصعوبات التعلم لدى الكبار؟

صعوبات التعلم لدى الكبار هي مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر على قدرة الشخص البالغ على استيعاب المعلومات ومعالجتها بالطريقة التي يفعلها معظم الأشخاص، وهذه الصعوبات لا تنجم عن مشكلات في الذكاء أو الدافع، بل هي ناتجة عن اختلافات في الدماغ تؤثر على كيفية استقباله وتفسيره وتخزينه واسترجاع المعلومات.

صعوبات التعلم يمكن أن تؤثر على مهارات متنوعة مثل القراءة (عسر القراءة)، الكتابة (عسر الكتابة)، الرياضيات (عسر الحساب)، وكذلك الانتباه، التنسيق، والمهارات الاجتماعية.

على الرغم من أن صعوبات التعلم غالبًا ما يتم تشخيصها في الطفولة، إلا أن هناك حالات لا يتم فيها تشخيص الأفراد حتى يصبحوا بالغين، وهذا يعني أن هناك العديد من البالغين يعانون من صعوبات التعلم دون أن يدركوا السبب وراء التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية والمهنية. 

يمكن أن تظهر صعوبات التعلم لدى البالغين من خلال تحديات في العمل، في إدارة الشؤون المالية، في التعليم العالي، وفي العلاقات الاجتماعية.

وجود صعوبات التعلم لدى الكبار لا يعكس قلة الذكاء أو نقص في القدرات العقلية، وفي الواقع الكثير من البالغين الذين يعانون من صعوبات التعلم لديهم ذكاء متوسط أو فوق المتوسط، فإنهم ببساطة يعالجون المعلومات بطريقة مختلفة، والتشخيص المناسب والحصول على الدعم الصحيح يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في حياتهم، مما يساعدهم على تطوير استراتيجيات للتغلب على هذه التحديات واستغلال قوتهم الفريدة إلى أقصى حد.

أنواع صعوبات التعلم لدى الكبار

صعوبات التعلم لدى الكبار تتنوع وتشمل مجموعة واسعة من الاضطرابات، كل منها يؤثر بطريقة مختلفة على القدرة على استيعاب، ومعالجة، واستخدام المعلومات، وفيما يلي بعض من أكثر أنواع صعوبات التعلم شيوعًا بين البالغين:

1. عُسر القراءة (Dyslexia)

يتميز بصعوبات في القراءة، الفهم، التهجئة، والكتابة، فالبالغون المصابون بعسر القراءة قد يجدون صعوبة في قراءة النصوص بسلاسة أو فهم معاني الكلمات والجمل.

2. عُسر الكتابة (Dysgraphia)

يشير إلى صعوبة في الكتابة التي تتجاوز مجرد الخط السيئ، ويمكن أن يشمل ذلك مشاكل في تنظيم الأفكار على الورق، صعوبة في الإملاء، ومشاكل في تشكيل الأحرف والكلمات.

3. عُسر الحساب (Dyscalculia)

يؤثر على القدرة على فهم الأرقام والقيام بالعمليات الحسابية الأساسية، فالبالغون الذين يعانون من عسر الحساب قد يجدون صعوبة في التعامل مع الأمور المالية، مثل إدارة الميزانية، أو فهم الإحصاءات والرسوم البيانية.

4. صعوبات الانتباه

تشمل هذه الفئة اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة (ADHD)، الذي يؤثر على القدرة على التركيز، التنظيم، والبقاء على مهمة، والبالغون المصابون بـ ADHD قد يواجهون تحديات في إدارة وقتهم، تنظيم المهام، والتحكم في دوافعهم.

5. صعوبات التعلم غير اللفظية

تتعلق بتحديات في فهم الإشارات غير اللفظية ومهارات التفكير المجرد أو الفضائي، وقد يجد الأشخاص الذين يعانون من هذه الصعوبات تحديًا في التفسير الصحيح للغة الجسد، التعبير عن أنفسهم بوضوح، أو التعامل مع مهام تتطلب تخطيطًا مكانيًا.

6. صعوبات في الذاكرة والمعالجة

هذا يشمل صعوبات في تخزين المعلومات الجديدة واسترجاعها، والبالغون الذين يعانون من هذه الصعوبات قد يواجهون تحديات في تذكر التعليمات، الأسماء، التواريخ، أو القيام بمهام تتطلب الاحتفاظ بمعلومات متعددة في الذاكرة على المدى القصير.

صعوبات التعلم لدى الكبار وطرق التغلب عليها
صعوبات التعلم لدى الكبار

أعراض صعوبات التعلم لدى الكبار

صعوبات التعلم لدى الكبار يمكن أن تظهر من خلال مجموعة متنوعة من الأعراض والعلامات، والتي قد تختلف بناءً على نوع الصعوبة المحددة وشدتها، وفيما يلي بعض الأعراض الشائعة التي قد يواجهها البالغون الذين يعانون من صعوبات التعلم:

في مجال القراءة والكتابة (عسر القراءة وعسر الكتابة):

  • صعوبة في القراءة بصوت عالٍ أو القراءة بسرعة ودقة.
  • مواجهة تحديات في التهجئة والإملاء.
  • صعوبة في فهم النصوص المقروءة وتذكر التفاصيل الرئيسية منها.
  • صعوبات في تنظيم الأفكار على الورق والكتابة بوضوح وتماسك.

في مجال الرياضيات (عسر الحساب):

  • صعوبة في إجراء العمليات الحسابية الأساسية.
  • تحديات في فهم المفاهيم الرياضية وتطبيقها.
  • مشاكل في فهم الجداول والرسوم البيانية.

في مجال الذاكرة والتركيز:

  • صعوبة في التركيز على المهام أو الانتباه لفترات طويلة.
  • مواجهة تحديات في تذكر التعليمات أو المعلومات التي تم تعلمها حديثًا.
  • النسيان المتكرر للمواعيد والالتزامات.

في مجال مهارات التواصل:

  • صعوبة في فهم الإشارات غير اللفظية وتفسير لغة الجسد.
  • تحديات في العثور على الكلمات المناسبة أو تنظيم الأفكار عند التحدث.
  • مشاكل في متابعة المحادثات، خاصة عندما تكون سريعة أو تشمل عدة أشخاص.

في مجال التنظيم والتخطيط:

  • صعوبات في التنظيم وإدارة الوقت.
  • تحديات في تعدد المهام أو تحديد أولويات العمل.
  • صعوبة في اتباع التعليمات المعقدة أو خطوات العمل.

وجود واحد أو أكثر من هذه الأعراض لا يعني بالضرورة وجود صعوبات تعلم، وتشخيص صعوبات التعلم يتطلب تقييمًا شاملاً من قبل متخصصين، فإذا كنت تشعر بأن هناك شخص تعرفه قد يعاني من صعوبات تعلم، فمن المفيد طلب الدعم والتوجيه من محترفين في هذا المجال.

أسباب صعوبات التعلم لدى الكبار

أسباب صعوبات التعلم لدى الكبار متنوعة ومعقدة، وقد تكون نتيجة لعوامل وراثية، بيولوجية، أو بيئية، وفي كثير من الأحيان لا يمكن تحديد سبب واضح، لكن البحوث قد حددت عدة عوامل رئيسية يمكن أن تسهم في تطور صعوبات التعلم بما في ذلك:

1. العوامل الوراثية والوراثة:

الدراسات تظهر أن صعوبات التعلم يمكن أن تكون وراثية وتنتقل في العائلات، مما يشير إلى وجود علاقة بين الجينات وصعوبات التعلم.

2. العوامل البيولوجية:

الاختلافات في تطور الدماغ والتركيب العصبي يمكن أن تؤثر على كيفية معالجة المعلومات، فالإصابات الدماغية، والاضطرابات العصبية، والحالات الطبية مثل الصرع قد تسهم أيضًا في ظهور صعوبات التعلم.

3. التعرض للسموم أثناء الحمل:

التعرض للكحول، والتبغ، أو بعض أنواع العقاقير أثناء الحمل يمكن أن يؤثر على تطور الدماغ للجنين، مما يزيد من خطر صعوبات التعلم.

4. العوامل البيئية والاجتماعية:

التعرض المبكر للتجارب التعليمية السلبية، نقص التحفيز الفكري، والتوتر أو الصدمات في مرحلة الطفولة يمكن أن يسهم في تطوير صعوبات التعلم، كما أن الفقر وسوء التغذية يمكن أن يؤثرا أيضًا على القدرة على التعلم.

5. الإصابات الدماغية:

الإصابات الدماغية المكتسبة، سواء من خلال حوادث أو الإصابات الرياضية، يمكن أن تسبب صعوبات التعلم في مرحلة لاحقة من الحياة.

6. الظروف الطبية المرتبطة:

بعض الحالات الطبية والاضطرابات النفسية والعصبية، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) والتوحد، يمكن أن تكون مصاحبة لصعوبات التعلم.

تحديات صعوبات التعلم لدى الكبار

صعوبات التعلم لدى الكبار يمكن أن تشكل تحديات كبيرة في جوانب متعددة من الحياة، بما في ذلك التعليم، العمل، العلاقات الشخصية، والوظائف اليومية، وإليك بعض التحديات الرئيسية التي قد يواجهها البالغون الذين يعانون من صعوبات التعلم:

في مجال التعليم والتعلم المستمر:

  • الإحباط وانخفاض الثقة بالنفس: الصعوبات في التعلم قد تؤدي إلى شعور بالإحباط وقلة الثقة بالنفس خصوصًا عند المقارنة بالأقران.
  • تحديات في اكتساب مهارات جديدة: يمكن أن يجد البالغون صعوبة في تعلم مهارات جديدة أو تطويرها، مما يؤثر على التقدم الوظيفي والشخصي.

في بيئة العمل:

  • صعوبات في القراءة والكتابة: قد تؤثر هذه الصعوبات على القدرة على أداء المهام الوظيفية، مثل كتابة التقارير أو قراءة التعليمات.
  • تحديات التواصل: قد يجد البالغون صعوبة في التواصل بفعالية مع زملاء العمل أو العملاء، مما يؤثر على العلاقات المهنية.
  • إدارة الوقت والتنظيم: قد يواجه الأشخاص صعوبة في إدارة وقتهم بفعالية أو تنظيم المهام والمواعيد.

في العلاقات الشخصية:

  • تحديات في التواصل: قد تؤثر صعوبات التعلم على القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر، مما يؤدي إلى سوء فهم أو توتر في العلاقات.
  • الضغوط العاطفية: يمكن أن تؤدي التحديات المتعلقة بصعوبات التعلم إلى الشعور بالعزلة، القلق، أو الاكتئاب.

في الحياة اليومية:

  • إدارة الشؤون المالية: قد يجد بعض الأشخاص صعوبة في إدارة الميزانية، وفهم الفواتير، أو التخطيط للمستقبل المالي.
  • المهام اليومية: يمكن أن تؤثر صعوبات التعلم على القدرة على أداء المهام اليومية، مثل التخطيط للمواعيد أو الالتزام بجدول زمني.

مضاعفات صعوبات التعلم لدى الكبار

صعوبات التعلم لدى الكبار يمكن أن تؤدي إلى مجموعة من المضاعفات التي تؤثر على مختلف جوانب الحياة، فمن الأداء الوظيفي والتعليمي إلى العلاقات الشخصية والصحة النفسية، وهذه المضاعفات يمكن أن تزيد من التحديات التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم، مما يؤكد على أهمية الكشف المبكر والدعم المستمر، وإليك بعض من هذه المضاعفات:

الصحة النفسية:

  • القلق والاكتئاب: الكبار الذين يعانون من صعوبات التعلم قد يواجهون مستويات عالية من القلق والاكتئاب بسبب التحديات والإحباطات المستمرة التي يواجهونها.
  • انخفاض الثقة بالنفس وتقدير الذات: المشاكل المستمرة في التعلم والأداء يمكن أن تؤدي إلى شعور دائم بعدم الكفاءة وانخفاض الثقة بالنفس.

الأداء الأكاديمي والمهني:

  • صعوبات في الحصول على التأهيل الأكاديمي والمهني: صعوبات التعلم قد تعيق القدرة على إكمال الدراسات العليا أو التدريب المهني.
  • البطالة أو العمل في وظائف أقل مرغوب فيها: قد يجد البالغون صعوبة في الحصول على عمل أو قد يقتصر عملهم على وظائف تقدم أجورًا منخفضة وفرص تطور محدودة.

العلاقات الشخصية والاجتماعية:

  • تحديات في العلاقات: صعوبات التعلم قد تؤثر على القدرة على بناء وصيانة العلاقات الصحية بسبب التحديات في التواصل وفهم الآخرين.
  • العزلة الاجتماعية: قد ينسحب البالغون من التفاعلات الاجتماعية بسبب مشاعر الإحباط أو الخوف من الرفض.

الصحة العامة والسلوكيات:

  • مشاكل الصحة العامة: الضغوط المرتبطة بصعوبات التعلم يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية، بما في ذلك اضطرابات النوم ومشاكل التغذية.
  • الاعتماد على المواد: بعض البالغين قد يلجأون إلى الكحول أو المواد المخدرة كوسيلة للتعامل مع الإحباط والضغط النفسي.

التأثير على الحياة اليومية:

  • التحديات في الاستقلالية: قد يجد البالغون صعوبة في إدارة الأمور اليومية، مثل التخطيط المالي، التسوق، أو إدارة الوقت، مما يؤثر على استقلاليتهم.
صعوبات التعلم لدى الكبار وطرق التغلب عليها
صعوبات التعلم لدى الكبار

كيفية التغلب على صعوبات التعلم لدى الكبار( علاج صعوبات التعلم لدى الكبار )

التغلب على صعوبات التعلم لدى الكبار يتطلب نهجًا متعدد الأوجه يشمل الاستراتيجيات التعليمية، الدعم النفسي والاجتماعي، وأحيانًا التدخلات الطبية، وإليك بعض النصائح والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد:

1. البحث عن تقييم شامل:

  • الخطوة الأولى للتغلب على صعوبات التعلم هي فهم طبيعة ومدى هذه الصعوبات، ويمكن لتقييم شامل من قِبل محترفين متخصصين في صعوبات التعلم أن يوفر هذا الفهم.

2. استخدام تقنيات التعلم المناسبة:

  • تطبيق استراتيجيات التعلم التي تتناسب مع نقاط القوة والضعف الفردية، مثل استخدام الوسائل البصرية لمن لديهم صعوبة في القراءة، أو التسجيلات الصوتية لمن يجدون صعوبة في الكتابة.

3. الاستفادة من التكنولوجيا:

  • استخدام الأدوات والبرامج التكنولوجية المصممة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم، مثل برامج التعرف على النصوص، التطبيقات المساعدة في التنظيم، وبرامج تحسين المهارات اللغوية.

4. الحصول على دعم مهني:

  • العمل مع المعلمين المتخصصين، وأخصائيي التربية الخاصة، أو مدربي صعوبات التعلم لتطوير وتنفيذ خطط التعلم الفردية.

5. بناء شبكة دعم:

  • التواصل مع الأشخاص الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة يمكن أن يوفر الدعم العاطفي والمعلومات حول استراتيجيات التغلب على التحديات.

6. تطوير مهارات التنظيم وإدارة الوقت:

  • استخدام أدوات وتقنيات لتحسين التنظيم وإدارة الوقت، مثل المفكرات، التقويمات الإلكترونية، وقوائم المهام، يمكن أن يساعد في التغلب على بعض التحديات اليومية.

7. ممارسة الصبر والتسامح مع النفس:

  • من المهم تذكير النفس بأن التعلم يتطلب وقتًا وأن التحديات جزء من العملية، وتقبل واقع التحديات والعمل من خلالها بصبر وإصرار.

8. التركيز على النقاط الإيجابية:

  • التركيز على القدرات والمهارات والنجاحات، بدلاً من الصعوبات والنواقص، يمكن أن يساعد في بناء الثقة بالنفس وتحفيز النمو الشخصي.

9. طلب التعديلات المعقولة:

  • في العمل أو البيئة التعليمية يمكن طلب التعديلات المعقولة للمساعدة في التغلب على التحديات الناجمة عن صعوبات التعلم.

من خلال الجمع بين هذه الاستراتيجيات والتدخلات، يمكن للكبار الذين يعانون من صعوبات التعلم تحقيق تقدم ملحوظ والتغلب على العديد من التحديات التي تواجههم.

في الختام، وبعد التعرف على صعوبات التعلم لدى الكبار، نقف على عتبة الأمل والإمكانية، فلقد تعرفنا على التحديات والعقبات التي قد تبدو للوهلة الأولى جبالاً شاهقة، لكن بالإرادة، والدعم، واستراتيجيات التعلم المناسبة يمكن تسلقها أو حتى تحويلها إلى تلال يسهل عبورها، فصعوبات التعلم لدى الكبار ليست نهاية المطاف، بل هي بداية مسار جديد يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف الذات، تعزيز القدرات، والوصول إلى إمكانيات لم يُكتشف بعد أعماقها. 

المصادر

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى